ثقافه

اخر الاخبار

الخبر الأول: زيادة الأسعار في الأسواق العالمية | الخبر الثاني: تحقيقات جديدة حول تغير المناخ | الخبر الثالث: تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي | الخبر الرابع: نتائج مباريات الدوري الأخيرة | الخبر الخامس: اكتشافات علمية جديدة في الفضاء |

Post Top Ad

Your Ad Spot

الأربعاء، 2 يناير 2013

المقريزى يصف سكان النيل وبلاد السودان القديم




 * ذكر تشعب النيل من بلاد علوة ومن يسكن عليه من الأمم *
أعلم أن النوبة والمقرة جنسان بلسانين كلاهما على النيل فالنوبة هم المريس المجاورون لأرض الإسلام وبين أوّل بلدهم وبين أسوان خمسة أميال ويقال أن سها جد النوبة ومقري جد المقرة من اليمن وقيل النوبة ومقري من حمير وأكثر أهل الأنساب على أنهم جميعاً من ولد حام بن نوح وكان بين النوبة والمقرة حروب قبل النصرانية وأوّل أرض المقرة قرية تعرف بـ تافة على مرحلة من أسوان ومدينة ملكهم يقال لها نجراش على أقل من عشر مراحل من أسوان ويقال أن موسى صلوات الله عليه غزاهم قبل مبعثه فى أيام فرعون فأخرب تافة وكانوا صابئة يعبدون الكواكب وينصبون التماثيل ثم تنصروا جميعاً النوبة والمقرة ومدينة دنقلة هى دار مملكتهم وأوّل بلاد علوة قرى فى الشرق على شاطئ النيل تعرف بالأبواب ولهذه الناحية وال من قبل صاحب علوة يعرف بالرحراح * والنيل يتشعب من هذه الناحية على سبعة أنهار فمنها نهر يأتي من ناحية المشرق كدر الماء يجف فى الصيف حتى يسكن بطنه فاذا كان وقت زيادة النيل نبع فيه الماء وزادت البرك التى فيه وأقبل المطر والسيول فى سائر البلد فوقعت الزيادة فى النيل وقيل ان آخر هذا النهر عين عظيمة تأتي من جبل قال مؤرخ النوبة وحدثني سميون صاحب عهد بلد علوة أنه يوجد فى بطن هذا النهر حوت لا قشر له ليس هو من بني جنس ما فى النيل يحفر عليه قامة وأكثر حتى يخرج وهو كبير وعليه جنس مولد بين العلوة والبجة يقال لهم الديجيون وجنس يقال لهم بازة يأتي من عندهم طير يعرف بحمام بازين وبعد هؤلاء أوّل بلاد الحبشة ثم النيل الأبيض

وهو نهر يأتي من ناحية الغرب شديد البياض مثل اللبن قال وقد سألت من طرق بلاد السودان من المغاربة عن النيل الذى عندهم وعن لونه فذكر أنه يخرج من جبال الرمل أو جبل الرمل وأنه يجتمع فى بلد السودان فى برك عظام ثم ينصب الى ما لا يعرف وأنه ليس بأبيض فامّا أن يكون اكتسب ذلك اللون مما يمر عليه أو من نهر آخر ينصب إليه وعليه أجناس من جانبيه ثن النيل الأخضر وهو نهر يأتي من القبلة مما يلي الشرق شديد الخضرة صافي اللون جداً يرى ما فى قعره من السمك وطعمه مخالف لطعم النيل يعطش الشارب منه بسرعة وحيتان الجميع واحدة غير أن الطعم مختلف ويأتي فيه وقت الزيادة خشب الساج والبقم والغثاء وخشب له رائحة كرائحة اللبان وخشب غليظ ينحت ويعمل منه مقدام وعلى شاطئه يثبت هذا الخشب أيضاً وقيل أنه وجد فيه عود البخور قال وقد رأيت على بعض سقالات الساج المنحوتة التى تأتي فيه وقت الزيادة علامة غريبة ويجتمع هذان النهران الأبيض والأخضر عند مدينة متملك بلد علوة ويبقيان على ألوانهما قريباً من مرحلة ثم يختلطان بعد ذلك وبينهما أمواج كبار عظيمة بتلاطمهما قال وأخبرني من نقل النيل الأبيض وصبه فى النيل الأخضر فبقي فيه مثل اللبن ساعة قبل ان يختلطا وبين هذين النهرين جزيرة لا يعرف لها غاية وكذلك لا يعرف لهذين النهرين نهاية فأولهما يعرف عرضه ثم يتسع فيصير مسافة شهر ثم لا تدرك سعتهما لخوف من يسكنهما بعضهم من بعض لأن فيهما أجناساً كثيرة وخلقاً عظيماً قال وبلغني أن بعض متملكي بلد علوة سار فيها يريد أقصاها فلم يأت عليه بعد سنين وان فى طرفها القبلي جنساً يسكنون ودوابهم فى بيوت تحت الأرض مثل السراديب بالنهار من شدة حر الشمس ويسرحون فى الليل وفيهم قوم عراة والأنهار الأربعة الباقية تأتي أيضاً من القبلة مما يلي الشرق أيضاً فى وقت واحد ولا يعرف لها نهاية أيضاً وهى دون النهرين الأبيض والأخضر فى العرض وكثرة الخلجان والجزائر وجميع الأنهار الأربعة تنصب فى الأخضر وكذلك الأول الذى قدمت ذكره ثم يجتمع مع الأبيض وكلها مسكونة عامرة مسلوك فيها بالسفن وغيرها وأحد هذه الأربعة يأتي مرة من بلاد الحبشة قال ولقد أكثرت السؤال عنها واستكشفتها من قوم عن قوم فما وجدت مخبراً يقول أنه وقف على نهاية جميع هذه الأنهار والذى انتهى إليه علم من عرّفني عن آخرين الى خراب وأنه يأتي فى وقت الزيادة فى هذه الأنهار آلة مراكب وأبواب وغير ذلك فيدل على عمارة بعد الخراب فامّا الزيادة فيجمعون انها من الأمطار مع مادة تأتي من ذاتها والدليل على ذلك النهر الذى يجف ويسكن بطنه ثم ينبع وقت الزيادة ومن عجائبه أن زيادته فى أنهار مجتمعة وسائر النواحي والبلدان فى مصر وما يليها والصعيد وأسوان وبلد النوبة وعلوة وما وراء ذلك فى زمان واحد وأكثر ما وقف عليه من هذه الزيادة أنه ربما وجدت مثلا بـ أسوان ولا توجد بـ قوص ثم تأتي بعد فاذا كثرت الأمطار عندهم واتصلت السيول علم انها سنة ري واذا قصرت الأمطار علم انها سنة ظمأ قال وأما طرق بلاد الزنج فانهم أخبروني عن مسيرهم فى بحر الصين الى بلاد الزنج بالريح الشمالي مساحلين للجانب الشرقي من جزيرة مصر حتى ينتهوا الى موضع يعرف بـ رأس حفري وهو عندهم آخر جزيرة مصر فينظرون كوكباً يهتدون به فيقصدون الغرب ثم يعودون الى البحري ويصير الشمال فى وجوههم حتى يأتوا الى قبيلة من بلاد الزنج وهى مدينة متملكهم وتصير قبلتهم للصلاة الى جدة قال وبعض الأنهار الأربعة يأتي من بلاد الزنج لأنه يأتي فيه الخشب الزمجي وسوبة مدينة العلوي شرقي الجزيرة الكبرى التى بين البحرين الأبيض والأخضر فى الطرف الشمالي منها عند مجتمعهما وشرقيها النهر الذى يجف ويسكن بطنه وفيها أبنية حسان ودور واسعة وكنائس كثيرة الذهب وبساتين ولها رباط فيه جماعة من المسلمين ومتملك علوة أكثر مالا من متملك المقر وأعظم جيشاً وعنده من الخيل ما ليس عند المقري وبلده أخصب وأوسع والنخل والكرم عندهم يسير وأكثر حبوبهم الذرة البيضاء التى مثل الارز منها خبزهم ومزرهم واللحم عندهم كثير لكثرة المواشى والمروج الواسعة العظيمة السعة حتى أنه لا يوصل الى الجبل إلا فى أيام وعندهم خيل عتاق وجمال صهب عراب ودينهم النصرانية يعاقبة وأساقفتهم من قبل صاحب الاسكندرية كالنوبة وكتبهم بالرومية يفسرونها بلسانهم وهم أقل فهماً من النوبة وملكهم يسترق من شاء من رعيته بجرم وبغير جرم ولا ينكرون ذلك عليه بل يسجدون له ولا يعصون أمره على المكروه الواقع بهم وينادون الملك يعيش فليكن أمره وهو يتتوج بالذهب والذهب كثير فى بلده * ومما فى بلده من العجائب أن فى الجزيرة الكبرى التى بين البحرين جنساً يعرف بـ الكرنينا لهم أرض واسعة مزروعة من النيل والمطر فاذا كان وقت الزرع خرج كل واحد منهم بما عنده من البذر واختط على مقدار ما معه وزرع فى أربعة أركان الخطة يسيراً وجعل البذر فى وسط الخطة وشيئاً من المزر وانصرف عنه فاذا أصبح وجد ما اختط قد زرع وشرب المزر فاذا كان وقت الحصاد حصد يسيراً منه ووضعه فى موضع أراده ومعه مزر وينصرف فيجد الزرع قد حصد بأسره وجرّن فاذا أراد دراسه وتذريته فعل به ذلك وربما أراد أحدهم أن ينقي زرعه من الحشيش فيلفظ بقلع شئ من الزرع فيصبح وقد قلع جميع الزرع وهذه الناحية التى فيها ما ذكرته بلدان واسعة مسيرة شهرين فى شهرين يزرع جميعها فى وقت واحد وميرة بلد علوة ومتملكهم من هذه الناحية فيوجهون المراكب فتوسق وربما وقع بينهم حرب * قال وهذه الحكاية صحيحة معروفة مشهورة عند جميع النوبة والعلوة وكل من يطرق ذلك البلد من تجار المسلمين لا يشكون فيه ولا يرتابون به ولو لا أن اشتهاره وانتشاره مما لا يجوز التواطؤ على مثله لما ذكرت شيئاً منه لشناعته فأما أهل الناحية فيزعمون أن الجن تفعل ذلك وانها تظهر لبعضهم وتخدمهم بحجارة يتطاوعون لهم وتعمل لهم عجائب وأن السحاب يطيعهم * قال ومن عجائب ما حدثني به متملك المقرة للنوبة انهم يمطرون فى الجبال ويلتقطون منه للوقت سمكاً على وجه الأرض وسألتهم عن جنسه فذكروا أنه صغير القدر بأذناب حمر قال وقد رأيت جماعة وأجناساً ممن تقدم ذكر أكثرهم يعترفون بالباري سبحانه وتعالى ويتقربون إليه بالشمس والقمر والكواكب ومنهم من لا يعرف الباري ويعبد الشمس والنار ومنهم من يعبد كل ما استحسنه من شجرة أو بهيمة وذكر أنه رأى رجلاً فى مجلس عظيم المقرة سأله عن بلده فقال مسافته الى النيل ثلاثة أهله وسأله عن دينه فقال ربي وربك الله رب الملك وكل الناس كلهم واحد وأنه قال له فأين يكون قال فى السماء وحده وقال انه اذا أبطأ عنهم المطر أو أصابهم الوباء أو وقع بدوابهم آفة صعدوا الجبل ودعوا الله فيجابون للوقت وتقضى حاجتهم قبل أن ينزلوا وسأله هل أرسل فيكم رسول قال لا فذكر له بعثة موسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وسلامه وما أيدوا به من المعجزات فقال اذا كانوا قد فعلوا هذا فقد صدقوا ثم قال قد صدقتهم إن كانوا قد فعلوا * قال مؤلفه رحمه الله وقد غلب أولاد كنز الدولة على النوبة وملكوها من سنةــــ وبنى بـ دنقلة جامع يأوى إليه الغرباء وأعلم أن على ضفة النيل أيضاً الكانم وملكها مسلم بينه وبين مالي مسافة بعيدة جداً وقاعدة ملكه بلدة اسمها حيمي وأوّل مملكته من جهة مصر بلدة اسمها زرلا وآخرها طولاً بلدة يقال لها كاكا وبينهما نحو ثلاثة أشهر وهم يتلثمون وملكهم متحجب لا يرى إلا يومي العيدين بكرة وعند العصر وطول السنة لا يكلمه أحد إلا من وراء حجاب وغالب عيشهم الارز وهو ينبت من غير بذر وعندهم القمح والذرة والتين والليمون والباذنجان واللفت والرطب ويتعاملون بقماش ينسج عندهم اسمه دندي طول كل ثوب عشرة أذرع يشترون به من ربع ذراع فأكثر ويتعاملون أيضاً بالودع والخرز والنحاس المكسر والورق وجميع ذلك بسعر ذلك القماش وفى جنوبها شعارى وصحارى فيها أشخاص متوحشة كالفيول قريبة من شكل الآدمي لا يلحقها الفارس تؤذي الناس ويظهر فى الليل أيضاً شبه نار تضئ فاذا مشى أحد ليلحقها بعدت عنه ولو جرى إليها لا يصل إليها بل لا تزال أمامه فاذا رماها بحجر فأصابها تشظى منها شرر وتعظم عندهم اليقطينة حتى تصنع منها مراكب يعبر فيها فى النيل * وهذه البلاد بين إفريقية وبرقة ممتدة فى الجنوب الى سمت الغرب الأوسط وهى بلاد قحط وشظف وسوء مزاج وأوّل من بث بها الإسلام الهادي العثماني ادّعى أنه من ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه وصارت بعده لليزنيين من بني سيف بن ذي يزن وهم على مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله والعدل قائم بينهم وهم يابسون فى الدين لا يلينون وبنوا بمدينة مصر مدرسة للمالكية عرفت بمدرسة ابن رشيق فى سني أربعين وستمائة وصارت وفودهم تنزل بها وسيرد ذكرها فى المدارس ان شاء الله تعالى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

الصفحات